Categories
أنشطة المركز السياسة ليبيا

كلمة الافتتاح في لقاء بنغازي التشاوري

أقام مكتب ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمسقبلية في مدينة بنغازي، ليبيا يوم 09-07-2023 لقاء تشاوريا بين النخب الوطنية. وكانت هذه كلمة الافتتاح التي ألقاها السيد المهندس أسامة الصيد، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، أمام المدعوين. هذا هو الرابط الفيديو للكلمة

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

حضرات السيدات و السادة
يشرفني و يسعدني أن أرحب بكم باسم زملائي في مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية و المستقبلية، لقبولكم المشاركة و المساهة في الملتقى التشاوري الأول بين النخب الوطنية و الذي أدعو الله جلت قدرته أن يوفقنا في أعمالنا و أن يكلل لقاءنا هذا بالنحاح والخروج بعمل مؤسس لليبيا التي نحلم بها و نسعى إليها.

حضرات السيدات و السادة
تعددت اللقاءات الخاصة بليبيا خارج البلاد في عواصم ومدن مختلفة من العالم، و هي مبادرات مشكورة من القائمين عليها، غير أنه مع شديد الأسف لم تفضي إلى نتيجة تذكر، إذ أن أغلب ما تسفر عنه هو تهدئة مؤقتة لمشكلة عابرة وجب احتواؤها، كما أنه من الطبيعي والمسلم به أن هذه اللقاءات تعقد برؤية و هندسة و تصميم المشرفين عليها وفق رؤيتهم ومصالحهم، و هو أمر لا يعيبهم و لا يؤاخذون عليه، إنما العيب فينا و المؤاخذات علينا لأننا لم ننجح ونفلح في أن نتولى شؤوننا و أمورنا و ترتيب أوضاعنا.

و هذا يجرني إلى الحديث و محاولة وضع الأصبع على الجرح و تسمية الأشياء بأسماءها، فنحن لا نتعامل مع ليبيا كأصحاب قضية وطنية و لكن كأصحاب مصالح شخصية سطحية ضيقة تحقق مكاسب فورية تضمن إما مالا أو جاها أو سلطة، و لكنها لا تؤسس لدولة و لا لاستقرار و سلام و عدالة و تنمية و تكافئ حقيقي للفرص في جميع المجالات، و هذا أمر خطير و إن استمر فسوف نجد أنفسنا ضيوفا في بلدنا لا علم لنا بما يجري فيها و لا كلمة لنا في تسيير شؤونها و إدارة مواردها و تحديد سياساتها، و أخشى أن أقول أننا ربما وصلنا إلى هذه المرحلة المؤلمة و المخيفة.

حضرات السيدات و السادة
مرد كل ذلك هو أننا لم نتعامل مع ليبيا كما أشرت كأصحاب قضية وطنية هدفها بناء مجتمع متجانس و متطور يحقق عدالة تضمن حقوق أبناءها و بناتها و توفر لهم المناخ المناسب و الأمثل للعمل و الإنتاج و الانتقال إلى اقتصاد يدخل في الاقتصاد الدولي بما يوفره من انتاج متنوع و سوق عمل لأبناءه و للخبرات و المهارات الدولية، مناخ يوفر تبادلا تجاريا و ثقافيا و علميا و فكريا غزيرا بين ليبيا و دول العالم سواء الجارة أو البعيدة،

علينا أن نرتقي بأداءنا إلى مرتبة و مصاف رجال الدولة القادرين على هندسة و تنفيذ رؤية قوية و حية و متجددة تضمن أولا مصالح كل مواطن ليبي في كل مجالات الحياة من صحة و تعليم و عمل. و تضمن أيضا انسجام كل مكونات الشعب الليبي بجعل ثقافاتنا المتنوعة هويتنا الوطنية نفتخر و نعتز بها و نحافظ عليها و نصونها و نعمل على تطويرها، كما أن الذكاء و الحنكة السياسية تقتضي أن تجد القوى الدولية مصالحها سواء السياسية أو الاقتصادية و أحيانا الاستراتيجية في رؤيتنا الوطنية التي تحدد معالم و أليات التعاطي معها بمبدأ المنفعة المشتركة و التفاهم و احترام القوانين و المواثيق الدولية و سيادة الوطن و عدم التدخل في شؤونه الداخلية. و هذا سوف يزيح عنا هموما كثيرة و آفات عديدة كالفساد المستشري في البلاد و انتشار السلاح و تسرب الجماعات الخارجة عن القانون و عمليات التهريب مما يساعد على الاستقرار و السلام.

حضرات السيدات و السادة
نحن أصحاب قضية و طنية، و هذا يفرض علينا أن نتصرف تصرفا مغايرا لما هو قائم اليوم، فقضية الوطن يتعاطى معها رجال الدولة سواء في ليبيا أو خارجها، فلنرتقي بقضيتنا إلى ذلك المستوى، فالنقاش الدائر اليوم عن تقاسم السلطة و التوزيع العادل للثروة لن يفضي إلا إلى حلول ترقيعية لترضية جهات و مصالح ضيقة، سرعان ما يندثر أثرها و تتولد عنها أزمة أكثر حدة و تعقيدا

لقد طرحنا عليكم في هذا اللقاء مناقشة مواضيع نأمل إن وضعنا قواعدها تكون مؤسسة لليبيا الجديدة التي يجب أن تستوعب في هندستها التطورات الدولية و المرحلة الجديدة التي سيدخلها العالم نتيجة للمستجدات و التطورات الاقتصادية القائمة على التكنولوجيا و العلم و التكوين القوي للشباب و الخبرات، و إدارات الملفات الاستراتيجية في العلاقات الدولية، فالعالم اليوم قد يقوم على توازن بين الدول العظمى و لكنه أيضا بسبب التطور التكنولوجي و انتشار العلم و المعلومة يحتاج إلى استقراره و سلامه نماذج متطورة و قوية لدول صغرى و متوسطة ناجحة اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا و سياسيا، و لعلنا اليوم نؤسس لنموذجنا الليبي الجديد الذي يعيدنا عنصرا فعالا في العالم، مما سيجعلنا قادرين على تحقيق السلام و الاستقرار و التنمية و حماية مصالحنا بعيدا عن العنف و الدمار و الحروب